أغنية "ومن العايدين ومن الفايزين": تراث موسيقي سعودي يتجدد كل عام
في عالم الموسيقى العربية الذي يشهد كل عام ولادة وتلاشي للأغاني الموسمية، هناك تحفة موسيقية تبقى متميزة ومحبوبة عبر الأجيال، هي "ومن العايدين ومن الفايزين". تمتاز هذه الأغنية بأنها ليست مجرد مقطوعة موسيقية، بل هي تراث شعبي يمتزج بالمشاعر والذكريات، وقد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تجربة العيد لدى السعوديين على مدى خمسة عقود.
تم إطلاق هذه الأغنية لأول مرة عام 1971 عبر الإذاعة السعودية، وكانت بصوت الفنان محمد عبده، الذي يعرف اليوم بفنان العرب. كلمات الأغنية صاغها الشاعر الكبير إبراهيم خفاجي، الذي استطاع أن يجسد حالة الوجدان الشعبي بكلماته البسيطة والعميقة.
تعتبر هذه الأغنية رمزية في مجال الموسيقى السعودية، حيث استطاعت الاحتفاظ بمكانتها الخاصة بين الأغاني الشعبية، ولم تخضع لتغييرات جذرية على مر السنين. فهي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من احتفالات العيد، وتُعتبر مثل الثياب الجديدة وجلسات العائلة جزءاً من تجربة العيد لكل سعودي.
يتميز اللحن ببداية حزينة تتحول تدريجياً إلى أجواء احتفالية ومفعمة بالمحبة. تحوي كلمات الأغنية تأملات وحكما تعكس القيم والروح السعودية بشكل بسيط وعميق في الوقت نفسه. وجود خيط غير مرئي يربط المستمعين بذكريات طفولتهم وماضيهم، مما يجعل هذه الأغنية تعيد إحياء ذكرياتهم القديمة كلما سمعوها.
رغم محاولات عديدة لإنتاج أغاني جديدة تحل محل "ومن العايدين ومن الفايزين"، إلا أن الأغنية الشهيرة تظل الخيار الأول والوحيد لدى العديد من الأجيال. حتى محمد عبده نفسه، الذي ظل يؤدي هذه الأغنية عبر الإذاعة، عاد وغنى إحياء لها أمام الجمهور بمدينة الرياض قبل عامين، بمظهر شاب وصوت يحافظ على جمالياتها القديمة.