من هو الذي يسيطر على القرار الفلسطيني في الشتات؟ هل لا يزال سلاح "المقاومة" يُحتفى به في الشعارات، أم أنه أصبح عبئاً ثقيلاً على كاهل حامليه؟ لماذا فجأة قررت بيروت كسر صمتها وضبط ساعة الحساب؟
لقد شهدنا قطار إقليميا انطلق وترك لحماس مقعداً خالياً فيه، ليبدأ جولة جديدة من التحولات والتطورات في هذا الملف الحيوي.
لبنان، البلد الذي عرفناه بتقلباته، قرر هذه المرة أن يكون حازماً دون تهاون، من الأمن العام حتى قصر بعبدا، ومن الضاحية إلى رام الله. خريطة الضغط بدأت تُرسم بوضوح، والحركة التي كانت تتحاشى التصدّعات بسبب التعقيدات الجغرافية، تجد نفسها اليوم أمام واقع جديد: إما الاندماج وفق شروط الدولة، أو المواجهة بالمغادرة.
كان استدعاء ممثل حماس في لبنان أحمد عبدالهادي إلى المديرية العامة للأمن العام اللبناني، ليس مجرد حدث روتيني، بل كان بمثابة بداية لتحول جذري في العلاقة بين الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق بشرعية السلاح.
ومن هنا جاءت تحركات حماس بتسليم متورطين في إطلاق الصواريخ، في خطوة استقبلت بترحيب حذر، مع تأكيد على ضرورة ضبط وجود المسلحين خارج إطار القوانين.
هذه التطورات الأخيرة تأتي على خلفية تحقيقات وضغوط متزايدة مارستها السلطات اللبنانية على الفصائل الفلسطينية، مما دفعها إلى مراجعة استراتيجيتها وسلوكها بشكل جذري.
في ظل هذا السياق، تبرز دوائر الضغط المتقاطعة التي تشكلت محليا وإقليميا، والتي تعكس التحولات الكبيرة في الشتات الفلسطيني وكيفية تعامل الدول المجاورة معه.
العودة إلى القوانين والقرارات الرسمية أصبحت أمراً حتمياً، بينما تتقدم السلطة الفلسطينية بمبادرات جديدة لتعزيز وجودها الأمني داخل المخيمات، بدليل زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس المرتقبة لبيروت.
الرسالة واضحة: توجيه التحول نحو الاستقرار الأمني وتأمين المخيمات بشكل أفضل. وفي هذا السياق، يظهر حزب الله بموقف صامت يُظهر التزامه بمتطلبات الداخل اللبناني وحرصه على عدم تصعيد الأوضاع.
وهكذا، تبدو حماس في لبنان أمام تحدٍ مصيري، حيث أصبحت اللعبة تُدار على طاولة الأمن والإقليم، مما يجعل الساحة اللبنانية مسرحاً لمواجهات مصيرية قد تحدد مسارات المستقبل.