وقفة تأمل مع فقيد الأحباء
بالرغم من تأخرنا في التعبير والكتابة، إلا أن الشتات الفكري الذي يخلفه الفراق قد يكون السبب. ربما كان الفقيد إنسانًا استثنائيًا في جماله وأخلاقه، فقلائل هم من يمتلكون مثل هذه الصفات في الزمان الحالي.
تلقيت اتصالًا من أحد الأصدقاء من المدينة المنورة، وكنت في جدة في ليلة مغادرتي للخارج، كانت تلك المكالمة كأنها وداعٌ، حيث سألني: "متى ستزورنا؟" ردي كان "قريبًا"، وكان آخر حديثنا.
بعد أن أديت صلاة الفجر في ڤيينا بالنمسا وأكملت ذكر الله، تأملت رسائل العزاء لـ "أحمدنا" في حي الخاتم بالمدينة. تذكرت حبيبي الذي كنت أتناقش معه بشأن علاجه والذي فارقنا بسبب مرض قلبي، فسكنت دمعة الفراق عيني وصمت قلبي.
أديت صلاة الغائب على فقيدي في اليوم التالي، لأحلم به في ثياب بيضاء مشرقة، بابتسامته المعهودة. شكرت الله على تلك الرؤيا، وتذكرت بعض علاقاتنا التي لا يعلمها الآخرون.
كنت أقدر علاقته المميزة بأخيه الوفي إبراهيم، الذي يبكي دائمًا عند ذكره. تواصلت مع "أحمدنا" في العديد من المواضيع، وكانت لدينا تفاهم ودعم متبادل، وكان يهتم بغيابي كما فعل في صلاة الفجر في المسجد.
كان يحب مشاركتي التمر اللذيذ معه، وكانت هذه عادتنا اليومية. ففي الفراق يكمن الألم والذكريات الجميلة، إلا أننا نثق أن محبة الله له تفوق محبتنا، وأن الصلوات والدعاء له ستظل مستمرة.
أدعو الله أن يرحم فقيدنا، وأن يلهمنا الصبر والسلوان. فمحبته ستظل خالدة في قلوب من أحبه، وسنبقى ندعو له بالرحمة والغفران والمغفرة. اللهم ارحمه وارزقه الجنة واجمعه بأنبيائك وصالحين، آمين.