أشاد الخبير اللبناني الأمريكي في السياسة الدولية والقانون الدولي الأستاذ علي خليل، بعطاء المملكة العربية السعودية كشريك رئيسي لسورية الجديدة في إستعادة الأمان والاستقرار وفي بناء الدولة على أسس سليمة. وأكد خليل خلال حديث مع "المصدر" على أهمية تشكيل لجنة تضم 99 شخصية قانونية واقتصادية لصياغة إعلان دستوري مؤقت. وشدد على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سورية، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
الركيزة الأساسية: العمل الجاد والإلتزام
• في نظرك، هل تستطيع الحكومة الحالية في إدارة إدلب أن تدير سورية بأكملها؟
•• بالواقع، قد سمعت هذا السؤال مرارًا وتكرارًا في العديد من المنابر الإعلامية، ولعل من وراء هذا السؤال إفهام أن نظام الديكتاتور بشار الأسد كان يدير دولة سورية بكفاءة وإحتراف. ومن أجل الإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعود إلى الماضي قليلًا: كيف كانت إدارة البلد في عهد بشار؟ بإيجاز مطلق، كان الأسد يمارس العديد من الأدوار، بوصفه تاجرًا ومتاجرًا بالأسمنت والبترول، ومحصلًا للضرائب، بالإضافة إلى رئاسة الجمهورية بين فترة وأخرى. وهذا السيناريو كان يُكرَر مع العديد من كبار المسؤولين والضباط في الجيش والأمن.
إذًا، يتضح للجميع من خلال هذه المقدمة أن أي شخص قادر على إدارة البلاد بشكل أفضل من جميع المسؤولين السابقين تحت النظام السابق. وبالتالي، كيف يمكن لأشخاص يعملون بجهد وإلتزام على مدار الساعة لرفع هذه الدولة، ويتمتعون بالإلتزام والخبرات والعمل الجاد، أن لا يكونوا قادرين على تدبير شؤون الدولة بشكل كفء ومؤثر؟
في نفس السياق، فإن الرئيس التركي رجب أردوغان، الذي كان رئيسًا لبلدية إسطنبول، نجح في تحويل تركيا إلى إحدى الدول الصناعية الكبرى ومن أهم الاقتصاديات في العالم. على سبيل المثال، أصبح بوريس جونسون، الذي شغل منصب رئيس بلدية لندن، رئيسًا للوزراء في المملكة المتحدة بشكل كامل. إذًا، ليست القدرة في تحويلات المدينة التي سبقت توجيهها من قبل الحكومة الحالية بالحكم، ولكن القدرة في الإلتزام والنزاهة والعمل الجاد والطموح. كما يقال: "من يضرب الحديد يجب أن يستعد ليفتح له".
هذا السيناريو ليس مجرد إفتراض
• حيث أثار قرار ترقية أجانب إلى رتب عسكرية العديد من الانتقادات، ما رأيك في ذلك؟
•• لا يمكن تجاهل السياق السوري الحالي، حيث تم تغيير النظام السابق من خلال ثورة شعبية استمرت 14 عامًا، وإذا كان الأجانب القادمين قد ساهموا وقدموا تضحيات لتحقيق هذا النجاح، فهم شركاء مطيعون تحت إمرة وتوجيهات القيادة العامة للثورة. هل يمكن لنا أن نتخلى عن تلك المجموعة المسلحة والمنظمة ونسلمها لوزارة الدفاع السورية التي ينظمها الأخوة في القيادة العامة المزودة بحكمة سياسية؟ هؤلاء القادة عبّروا عن تزامهم بعدم توجيه أي تهديد لأي دولة من أراضي سوريا، وهذه الحالة ليست فريدة من نوعها في بعض البلدان، على سبيل المثال في المملكة المتحدة يوجد لواء نيبالي كامل يدعى "لواء الغوركا" ينتمي للجيش البريطاني، ويعتبر هذا اللواء من أكثر القوات الخاصة فاعلية في العالم، حيث حصل أفراده على أعلى أوسمة الخدمة العسكرية البريطانية بما في ذلك وسام "فيكتوريا".
فصل السلطات بوضوح
• هل شاهدت الإنتقادات التي وُجهت للقرارات الدستورية الحالية بتعيين رئيس دولة؟
•• يتعين بداية أن نشدد على ضرورة تفعيل فصل السلطات الثلاث (القضائية، التنفيذية، التشريعية) لضمان نجاح أي دولة. إن من المثير للدهشة أن أبرز المنتقدين لهذه القرارات كانوا مؤيدين صامتين للنظام السابق، حيث كان يعلم الجميع داخليًا ودوليًا بأن مجلس الشعب السوري كان غير دستوريًا ولا عضوية لهم، كان يتم تعيينهم وترقيتهم بالولاء والمال، وحتى بعد تعيينهم بطرق غير قانونية، كانوا ينفذون أوامر النظام حرفيًا. وهي نقطة واضحة أنه بعد النجاح الثورة يجب تعليق الدستور وانتظار وضع دستور جديد يتم التصويت عليه شعبيًا. وأحيط القيادة بتشكيل لجنة من 99 شخصية قانونية واقتصادية من جميع شرائح المجتمع السوري لصياغة إعلان دستوري مؤقت.
معروف بأن هناك فرقًا بين "إعلان الدستور والدستور الدائم" من حيث مضمون المواد، وخلو الإعلان الدستوري من المواد التي قد تؤدي إلى خلافات، وأقترح أن يتضمن الإعلان الدستوري تشكيل هذه الهيئة القانونية والاقتصادية بصلاحية إصدار القوانين بالأغلبية خلال الفترة الانتقالية. يمكن أيضًا تشكيل لجان استشارية متعددة التخصصات لتدعيم عمل هذه الهيئة.
إعادة إنتظام مؤسسات الدولة
• ما هو رأيك بتعيين أحمد الشرع رئيسًا للدولة؟
•• يمثل إقامة أحمد الشرع رئيسًا للدولة خطوة أساسية في تنظيم مؤسسات الدولة وبدء عملية وضع دستور جديد للبلاد وإعادة بناء الأجهزة القضائية والتنفيذية والأمنية. يعد الرئيس الشرع نقطة ثقة داخلية وخارجية، وسيُسهم في تعجيل عملية إعادة البناء.
• كيف ترى استفادة الدولة من الخبرات السورية لبناء الدولة الجديدة؟
•• الخبرات السورية عديدة وغنية بالكفاءات العالية والعلماء المبدعين. يمكن تأسيس إدارة للخبرات تعمل تحت إشراف رئيس الحكومة ومهمتها تجميع وتنظيم وتقييم الخبرات والتخطيط للاستفادة منها بفاعلية، بحيث يحظى كل شخص بفرصة عمل مناسبة ويتم دعم عودة المبتعثين من خلال تهيئة الظروف المناسبة لهم.
خطة حكومية واضحة
• لقد إلتقيتم بعض المسؤولين في الحكومة الحالية، ما تفاصيل اللقاء؟
•• بالفعل، كانت الإجتماعات مفيدة ومثمرة بشكل كبير. فقد تبيّن لي أن الحكومة لديها خطة عمل محددة وأولويات لكل مرحلة، مثل المحافظة على الأملاك العامة، وتأمين الأمن، وتوفير الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء، وتخفيف الأعباء عن المواطنين.
• كيف ترى العلاقات مع المملكة العربية السعودية؟
•• تعتبر المملكة العربية السعودية الشريك الأول لسورية في تعزيز الأمن والاستقرار وإعادة بناء الدولة. لقد قدمت المملكة دعماً كبيراً لسورية وستستمر بتقديم الدعم للشعب السوري.
توطيد العلاقات مع الدول العربية
• ما رأيك في السياسة الخارجية للحكومة الحالية؟
•• أشجع على تعزيز العلاقات مع كل دول العالم، وخاصة المملكة العربية السعودية، التي تمتلك تأثير كبير دينياً وسياسياً واقتصادياً. أدعو أيضاً لإقامة علاقات صداقة مع لبنان والأردن، فنحن فعلاً كجسد واحد، ويجب أن نفتح أبوابنا للعلاقات الإقليمية والدولية بالتوازن لتحقيق مصلحة سورية الجديدة.
• كيف يمكن تحسين الوضع الاقتصادي في سورية؟
•• هناك عدة خطوات يجب اتباعها لتحسين الوضع الاقتصادي في سورية، منها رفع جميع العقوبات المفروضة على البلاد، وإصدار قوانين للإستثمار لجذب رجال الأعمال، وضرورة تحقيق الاستقرار السياسي خلال فترة الانتقال.
المملكة العربية السعودية داعم دائم لسوريا
القوانين كانت حبراً على الورق في عهد بشار