في خطوة مبهرة في مجال الطب، تمكن فريق من الأطباء في العاصمة البريطانية من استعادة حاسة البصر لـ4 أطفال يعانون من حالة نادرة من العمى الوراثي تسمى «ضمور الشبكية الخلقي» (Leber Congenital Amaurosis - LCA)، باستخدام علاج جيني متطور. هذه الخطوة الجريئة تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم، حيث استطاع الأطفال بعد العملية استعادة القدرة على رؤية الأشكال، التعرف على الوجوه، وحتى القراءة والكتابة.
تمت العمليات الجراحية الرائدة في مستشفى جريت أورموند ستريت (Great Ormond Street Hospital) بلندن، حيث تمت إجراء عمليات دقيقة استغرقت حوالي 60 دقيقة فقط. وشملت العملية حقن نسخ صحيحة من الجين المعيب المعروف بـ«AIPL1» مباشرة في شبكية العين باستخدام تقنية جراحية بالمنظار. هذا الجين أساسي لوظيفة الخلايا المستقبلة للضوء في الشبكية، التي تحوّل الضوء إلى إشارات كهربائية يفهمها الدماغ على أنها صور مرئية.
الأطفال الذين تم إعادة بصرهم، تتراوح أعمارهم بين عام وعامين، نقلوا من الولايات المتحدة، وتركيا، وتونس إلى لندن لاستلام العلاج. قبل العملية، كانوا قادرين فقط على تمييز الضوء من الظلام، دون القدرة الكاملة على الرؤية. وبعد العملية، أظهروا تحسنًا ملحوظًا، حيث استطاعوا التعرف على الأشكال، واللعب بألعابهم، وحتى التفاعل بشكل جديد مع أسرهم.
أحد هؤلاء الأطفال، الصغير «جيس» من كونيتيكت الأمريكية، خضع للعلاج في عام 2020، ونقل والديه عن تحسن واضح في قدرته على الرؤية، مما جعله قادرًا على التقاط الأشياء الصغيرة وتمييز الألعاب التي كانت خارج نطاق رؤيته. وصرّحت والدته: «كان جيس غير قادر على تتبع أي شيء أمامه قبل الجراحة، بغض النظر عن لونه أو شكله. الآن، يفاجئنا بتفاعله مع الأشياء من حوله بشكل مدهش».
تم تطوير هذا العلاج الجيني من قبل فريق باحثين في كلية لندن الجامعية (UCL)، وحصل على ترخيص من وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA) في المملكة المتحدة. يظهر هذا الإنجاز الطبي البارز الطريق لعلاج حالات العمى الوراثي، ويفتح آفاقًا واسعة لاستخدام العلاجات الجينية في معالجة الأمراض الوراثية الأخرى.
منذ نجاح أولى العمليات، تم تنفيذ هذا العلاج لعدد 7 أطفال آخرين في مستشفى «إيفلينا لندن للأطفال» (Evelina London Children’s Hospital)، مما يزيد الأمل في تطبيق هذا العلاج في عدد أوسع من المرضى في المستقبل القريب.
يظهر هذا الإنجاز الطبي الرائد الإمكانيات الكبيرة للعلاج الجيني في تحسين جودة حياة المرضى، خصوصا الأطفال الذين يعانون من أمراض وراثية نادرة تمثلت سابقًا في تحديات صعبة للعلم الطبي.