من التوحد إلى الفصام.. العلاقة المحتملة بين اليد اليسرى والدماغ

أعلنت دراسة متألقة عن اكتشاف نوعي يُظهر ارتباطا محتملا بين استخدام اليد اليسرى وبعض الاضطرابات العصبية المهمة، مع التأكيد على وجود تحفظات من قبل الفريق البحثي.

وفقًا لفريق علمي دولي، الذي استعرض بيانات هائلة تضم أكثر من 200 ألف فرد، يُظهر الاستنتاج أن حوالي 10% من سكاننا الكرام يستخدمون اليد اليسرى، إلا أن الأفراد الذين يُصابون بالتوحد قد تزيد فرصتهم في اكتساب هذه الخصلة بنسبة تصل إلى 3.5 مرة.

وقد انتشرت الدراسة العلمية بكامل تفاصيلها في مجلة Psychological Bulletin، حيث أشارت إلى أن تفضيل اليد اليسرى أو حتى استخدام اليدين باستمرار (المزج بين اليدين) يكون أكثر شيوعاً بين الأفراد المصابين بالفصام، والتوحد، والعجز العقلي.

يرتبط التمييز بين اليدين بحالة تظهر عندما يستخدم الشخص يده اليسرى لقيامه بمهمة معينة ويرجع لاستخدام يده اليمنى لمهمة أُخرى، ويختلف ذلك عن القدرة على استخدام اليدين بنفس الفعالية (التساوي بين اليدين).

في سياق آخر، أوضح البروفيسور البارز في مجال العلوم العصبية المعرفية بجامعة روهر بوخوم في ألمانيا، الدكتور جوليان باكهيسر، لـ«Fox News» أن الدراسة كشفت عن ترابط بين التغييرات في تفضيل اليد عن القاعدة (لصالح اليد اليمنى) والاضطرابات النفسية والعصبية الملحوظة التي تؤثر على النظام اللغوي، مثل عسر القراءة، والفصام، والاضطرابات ذات التأثير العصبي منذ الصغر، كالتوحد أو فرط الحركة ونقص الانتباه.

وشدد الدكتور موراي، طبيب أعصاب في مجموعة ويست تينيسي الطبية، على أن تفضيل اليد الغير اعتيادي يمكن أن يكون مرتبطاً بمشاكل لغوية طويلة الأمد كخلع الكلام وعسر القراءة، مُوضحاً أن الجزء المسؤول عن معالجة الكلام واللغة والتفكير المنطقي وتفضيل اليد في الدماغ عادةً ما يكون متمحورًا في نفس الجانب لدى الغالبية العظمى من الأشخاص.

وأوضح البروفيسور: «الأفراد الذين يستخدمون اليد اليسرى أو حتى المزج بين اليدين قد لا يكون لديهم جانب دماغي متميز بشكل واضح، ويُمكن أن تنتشر وظائف اللغة بين كلتا الجهتين».

كما لفت الباحثون انتباههم إلى العلاقة بين الاضطرابات التي تظهر علاماتها في سن مبكرة وتفضيل اليد اليسرى أو المزج بين اليدين، ويُعتبر ذلك الارتباط مرده إلى تشكيل تفضيل اليد في مرحلة مبكرة للغاية من الحياة، وربما حتى قبل الولادة، ولفت الباحثون إلى أن مص الإبهام في الأسبوع العاشر من الحمل يرتبط ارتباطا وثيقا باليد التي سيفضلها الطفل لاحقاً.

وقال الدكتور موراي إن الدراسة قد تعزز من سبل العلاج العصبي للمصابين بأمراض دماغية من جهة واحدة، مثل السكتة الدماغية، أو التصلب المتعدد، أو إصابات الدماغ الرضحية.

أكد المعالج النفسي جوناثان ألبرت في مانهاتن، أن الدراسة مثيرة للاهتمام لكن لها حدود، مُشيراً إلى أن الارتباط لا يُعني السببية، وأن استخدام اليد اليسرى لا يعني بضرورة إصابة الشخص بالتوحد أو الفصام، ودعا إلى مزيد من البحوث لفهم العلاقة بين تفضيل اليد والصحة النفسية، حذرًا من خطورة الاستنتاجات السريعة لتجنب القلق أو الانحياز.

وأجمع باكهيسر على أن النتائج تأتي بناءً على الارتباطات فقط، مُعلنًا: «لا يوجد برهان سببي يظهر أن الاضطرابات النفسية أو العصبية تسبب تغيرًا في تفضيل اليد، أو أن التغيرات في تفضيل اليد تسبب الاضطرابات».

وأضاف أنه لا ينبغي للأفراد أن يشعروا بالقلق إذا كان طفلهم يتفضل استخدام اليد اليسرى، ولكن من المهم فهم هذه الاضطرابات بشكل أفضل مع تزايد مستويات انتشارها.