بدايةً وعندما نلقي نظرة على الساحة الثقافية في عالمنا العربي، نجدها تتنوع بين أنماط المثقفين المختلفة. هناك من يعيش حياة مكتفية بذاته، وهناك من يكرّس جهوده لقضايا متعددة، بينما يسعى آخرون لتوازن بين الدفاع عن قضية معينة والاستمتاع بالراحة واللذة. سنلقي الآن الضوء على وجهات نظر بعض الشخصيات الثقافية والأدبية حول دور المثقف وتأثيره على المجتمع بشكل عام وعلى نفسه بشكل خاص.
ففي رؤية الكاتبة سهام حسين القحطاني، تكمن جوهرية القضية في مدى تمسك المثقف بقضيته ومدى تأثيرها على هويته الثقافية. تشير القحطاني إلى أن الأصالة تنبثق من تمثيلات القضية المتنوعة التي تُبرز هوية المثقف وتلعب دوراً في توسيع دائرة تأثيره. وتجدد القحطاني التأكيد على أهمية ربط القضية الشخصية بمنهج ثقافي يسهم في نهضة المجتمع.
من جانبه، يشدد الشاعر خالد قمّاش على ضرورة تحويل الأفكار الخلاقة إلى قضايا تحمل رسالة إنسانية وتسهم في محاربة الظلم والفساد. ويرى قمّاش أن بعض المثقفين قد يضللون أنفسهم بخلق قضايا هامشية لكنها بلا جدوى، لافتاً إلى أهمية التفرغ لقضايا تخدم الإنسانية بشكل أكبر.
وعلى صعيد آخر، ترى خبيرة المسرح الدكتورة حنان عنقاوي أن التطوير الشخصي والمجتمعي يتأتى عن طريق الالتزام بقضية تعكس وجود الفرد وتعزز انتماءه ومسؤوليته تجاه المجتمع. تؤكد عنقاوي على أهمية تحسين الذات وتطوير المهارات لتحقيق قيمة حقيقية للقضية.
من جانبه، يعتبر الشاعر عبدالعزيز أبو لسه وجود المثقف الحقيقي قضية بحد ذاتها، تحتاج إلى فهم وتفكيك لجوانبها. يشدد أبو لسه على أن القضية هي محور وجود المثقف وعلى ضرورة الارتباط بقضايا تعزز التواصل مع المجتمع والعالم بشكل عام.
وفي ختام المقال، يبرز الناقد الثقافي الدكتور عبدالله الغذامي أهمية وجود قضية تحفز الإنسان وتعزز وجوده بشكل فعال. يحذر الغذامي من الاستهتار ويؤكد على أهمية الارتباط بقضية شخصية أو اجتماعية توفر الدافع للإنجاز والتطوير.